الصوفية بين الكذب والدجل

كثيرة هي الأقاويل والاحاديث التي تروى على ألسنة البسطاء من العامة الذين تأثروا برأي فلان المرشد الروحي لهم ورأي فلان الزعيم الروحي ورأي فلان العلامة والداعية والمفكر ورأي فلان القطب الأصهب والباز الاشهب .. وكثيرة هي الحكايا التي تروي اعجاز فلان وفلان وفلان وكراماتهم .. حتى أصبح التنافس بين العامة من كراماته أكثر من من !!!
المشكلة في الموضوع .. هي أن الله وهب العقل ليميز الانسان عن سائر المخلوقات .. وهي نعمة انعمها الله علينا .. بقوله تعالى .. وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين .. صدق الله العظيم ( التوبة 105 ) .. والعمل يحتاج لعقل .. ومنطق وتجارب وأفكار تتطور بشكل تراكمي .. فتشكل جهدا ماديا له قيمة .. إذا توجه الله مخاطبا العبد بلغة العقل وأمره بالقراءة والتعلم .. قال تعالى : اقرأ بسم ربك الذي خلق .. خلق الانسان من علق .. اقرأ وربك الاكرم .. الذي علم بالقلم .. علم الانسان ما لم يعلم . صدق الله العظيم .
من هنا سأنطلق .. هل أمرنا الله أن نكون إمَّعات يقودنا الفكر البشري لبعض من أصحاب الكرامات كيفما شاء دون ان يكون لنا وقفات أو تساؤلات أو حتى استفسارات ؟؟ هل نحن حقا مطالبين بتصديق الحكايا والأقاصيص والمعجزات والكرامات .. وبابها قد أغلق بقبض الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ؟؟ من يخطط لنشر الفكر الصوفي ؟؟ وما الهدف من نشره ؟؟ وهل نجحت الصوفية في دخول البيوتات من أبوابها ؟؟ وما النتيجة ؟؟
بينما استمع لخطبة الجمعه فإذا بي أتلقف قصة غاية في الدهشة .. يقول الإمام حينما آن ميقاة الصلاة افترش شيخنا حصيرته على سطح الماء وصلى .. ( نقل غير حرفي .. بتصرف ) .. لم يكترث الامام لمئات المصلين الذين معظمهم من الطلبة والمتعلمين وربما هناك المثقفين وربما هناك المتخصصين في أمور الدين .. لم يلق بالاً لاحد واستمر في خطبته .. نظرت إلى الناس .. كانت الأفواه مفتوحة والكل بالكاد يصدق ما سمعه من اعجاز إلاهي .. نعم انه اعجاز .. كيف لكتلة مادية ملموسة ان تطوف على سطح الماء دون ان تغرق .. تذكرت حينها الحكايات الاغريقية التي كانت تروى على شكل رسوم متحركة .. وراحت مخيلتي إلى تلك الحكايا وسحبتني من هالة الروحانية التي كنت فيها .. وعندما انتهت الصلاة .. بدا الجميع يتحدث عن هذه الكرامة والاعجاز .. فمن لم تسعفه ذاكرته على تحمل ما سمع بدأ يكيل الشتائم والنقد ومن كان تفكيره متواضعاً أخذ حسبه ربه ولجأ جانب السلم .. وما كان مغيبا عن ركب الحضارة راح يتحدث عن كرامة سيدنا الشيخ بل راحو يتقربون إلى الله من خلاله ..
كيف يتلقف الناس الحكايا الصوفية .. أو لنقل الأكاذيب التي تنسج على شكل حكايا كتلك المنسوجة على منوال الحكايا الاغريقية واليونانية والفارسية والمغولية وغيرها ..
كان والدي بقربي .. بدأ يتذمر من وضع الصوفية التي راحت تنتشر كما تنتشر النار في الهشيم .. وكنت آخذ عليه نقده اللاذع للصوفية .. وذهابه إلى أبعد من ذلك بأنها فكر صهيوني يخطط له من زمن الدويلات الاسلامية المنهارة في الاندلس وربما العصر العباسي الثاني عصر الانحطاطا وربما منذ أن قتل عمر رضي الله عنه وعثمان رضي الله عنه وعلي كرم الله وجهه .. كنت دائما أقول له هدئ من روعك انهم اناس بسطاء ودراويش .. ولم اكن أعلم أني سأقف نفس موقف والدي من التصوف .. نعم .. وقفت نفس الموقف .. وكانت وجهة نظري كالتالي :
أولا : لم يعرف هذا الاسم في عهد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم .. ولم نسمع أن صحابيا اطلق على نفسه مصطلح صوفي أو درويش أو من اصحاب الخطوة أو من أصحاب القبعة الخضراء !!!
ثانيا : ورد على لسان الطاهر المجتبى محمد أفضل الصلاة وأتم التسليم عليه قوله : إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ... رواه الترمذي وقال حسن صحيح .. ونرى أن كل ما جاء على سلوك المتصوفين بدعة وابتكار واجتهاد في غير موضع النص والحديث بإجماع الجميع ..
ثالثا : الصوفية في اساس تقربها إلى الله تتخذ عبدا تعتبره مجتبى وذو كرامة ومحصن من الاخطاء .. فتتوسل بكرامته إلى الله وتطلب المغفرة بشفاعته وكرامته .. ونسو قول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لابن عباس: (يا غلام، إني معلمك كلمات: احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك، تعرَّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله ..) ، أي ممنوع قطعيا أن نقول يا رسول الله .. فكيف أن نقول يا جيلاني ويا رفاعي ويا دسوقي ويا سطوحي ويا ابن العربي .. وهكذا دواليك .
رابعا : يعتمدون على الدف والرقص والعبث في الأفاعي والحركات المتواترة عندما يؤدون عباداتهم ونسو قوله تعالى وعز من قائل : {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} (سورة الأنفال، آية 3).. فعبادتهم بعيدة كل البعد عن الخشوع والوجل .. وصلاتهم مجرد مكاء وتصدية ونوح على قبور الأموات من أدعيائهم الصالحين ، ويحورون الأغاني ويغنون القصائد الدينية بقالب غنائي سوقي .. ونسو قوله تعالى : {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية} سورة الأنفال آية 35 .
خامسا : يدعون معرفة الغيب .. وأن مشايخهم قد منَّ الله عليهم بفتح الحجاب عليهم فيرون ما لا يراه الناس .. وان الله منحهم علماً غيبياً لا يعرفه غيرهم وخصه بهم .. وحاشى لله أن يفعل ذلك
سادسا : يذهبون إلى المقابر ويذبحون الهدي تكريما لأرواح ساداتهم ومشايخهم .. ويكذبون على الناس بادعائهم حضور أرواح مشايخهم .. ويستخدمون رموزا وكلمات خاصة ومصطلحات لا يفهمها غيرهم ويمارسون طقوس التخاطر مع الجن والمشايخ وطلاسم وحجب واستخارات وأرقام كلها بدع ما اوتي بها من سلطان
سابعا :وأخيرا أقول .. إن الصوفية هي المنفذ الرئيسي لدخول الفساد والمحرمات للمجتمع والاسرة وهم العدو الرئيسي للدين .. لأنهم جاؤوا بما لم ينزل الله سبحانه وتعالى ، إلا من رحم ربه وخشي الله في سره وجهره ونيته وعمله ومقصده .. قال تعالى : {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوّاً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه} الأنعام (112)