القيادة في القيادة

يتساءلون ... وأقصد هنا " المترددون " الذين لم يتمكنو إلى الأن من قول الكلمة الفصل في الثورة السورية ..
لو ذهب القائد من هو البديل ؟ وهل سيكون القادم أرحم من سابقة ؟ و أكثر قربا من الشعب بحيث يحقق الأمن والأمان ؟؟
كثيرا ما نسمع مثل هذه التساؤلات .. ولكن لا بد من الوقوف عند عدة نقاط رئيسية تجعل من هذه التساؤلات مجرد فقاعات هواء تذهب أدراج الريح ..
هل رأس النظام في سورية هو قائد ؟
القائد في الأدبيات الإدارية هو من يصنع القادة الفاعلين دونه والقادرين على تحمل الأعباء والمسؤوليات ، بحيث يتيح لهم تطوير إمكاناتهم وأساليب عملهم بما تمليه المصلحة العليا للتنظيم مهما كان نوعه ، فالقيادة لا تعني البحث عن أناس ينفذون إرادة القائد فقط ، حيث أن الأخير لا يحتاج لتابعين يملي عليهم سلوكهم وتصرفاتهم .. وإلا تحولوا لقطيع منساق ، ومني بالفشل الذريع ... هذا باختصار ..
ماذا لدينا في المشهد السوري ؟؟
هناك قائد همام فرد صمد مناط به كل الأمور القيادة ، وقراره نافذ حتى لو كان بعيدا عن الصواب ، هو الأستاذ الأول والمربي الأول والقائد الأعلى والأمين العام هو الدكتور الجراح المحامي المربي الشاعر الأديب ، هو باختصار الرجل الذي لم تلد امرأة على وجه الأرض مثيلا له .
لو نظرنا إلى حاشية هذا النظام ، لوجدنا الحكماء والعلماء والقضاة والمحامين والأطباء ، لوجدنا حوله كل من بقر العلوم ... لكن كيف ؟
هناك مثل شعبي يقول : كلب الملك .. ملك !!
وبالتالي أصبح أذناب النظام وزبانيته رؤساء يحميهم سيفه الحاكم بأمر الله !!
فلو نظرنا نظرة المتفحص لما يجري ، نلاحظ ما يلي :
الاقتصاد في سورية تمتلكه قوى نافذة وذات صلة وثيقة بالنظام ، فيتحول شريكا في كل المشاريع ، حتى نصل إلى قضية خطيرة وهي أن يمتلك بعض الأشخاص وهم قلة نصف الإقتصاد أو غالبيته .
القضاء .. تحول لمؤسسة تتسول وترتشي وكل من هم في هرم القضاء بلا استثناء مرتزقة ولصوص ، وظهرت دلائل الثراء الفاحش عليهم في زمن قياسي
التعليم ، وخصوصا العالي منه ، أصبح وسيلة مشروعة للثراء الفاحش ، فالفساد وصل لمرحة أن بيع المواد يخضل للمزاد العلني ، حتى أن المنهج العلمي لم يعد منهجا يعتد به
السياسة .. يمنع التحدث في المحظور إلا في نطاق الأسرة الحاكمة ومن والاها في نطاق ضيق .. حيث هناك إله في السياسة يقرر وينفذ ويحتفظ بحق الرد.
الأمن .. شهد القائمون عليه ثراء فاحشا في زمن قياسي ، فمجرد أن تكون في الأمن مكنت نفسك من الأخرين فأحكمت الخناق وضيقت الحريات وقمعت وكممت الأفواه وتم استخدام نفوذك لتبرئة المذنبين وتجريم الشرفاء .
الدين : تحول لرموز للصوفية والطرقية الذين شهدوا ثراءا فاحشا وامتلكوا أجمل ما في الحياة من رغدها ، وهم من يجب أن يكونو أزهد الناس ..
الإعلام : هو وسيلة لتبرير سلوك القائد ومن معه ، فكلما يتم طرحه من قضايا وكل من يتم استقطابهم في البرامج الحوارية إنما لرفعة شأن القائد وتبيان مناقبه وشرح أفكاره وتبرئته من الفساد .
إذا يمكن القول .. إن استفحال الفساد سببه انعدام القيادة الحكيمة ، واشتداد القبضة الأمنية ، وضعف أركان الدولة بسبب عدم وجود الرادع وغياب الدين ، والتشدق بالعلمانية.
وبعبارة أخرى هروب الناس من المسؤوليات وتفرغهم لتوافه الأمور ، بل وتعيين أفراد متخصصين في الفساد جعل البلاد تسير في طريق اللاعودة عن الفساد ، فالمفسد لن يقبل بقيادة صالحة تراقبه وتتلمس له الذلات ، فظهرت طبقة تقتاة على حساب أمن الشعب وقوته ، فاغتنت وزاد ثرائها ، مع غياب الرادع والوازع وفي غفلة عن أعين القانون والقائمين عليه .
بل ومضى الجميع يردد : بالروح بالدم .. ليحمي نفسه من سخط الرب ، ويجنب نفسه كيد الكائدين والمنافقين .
بهذ الأسلوب تحول القائد إلى إله والشعب إلى منفذ لمشيئة الله وخرج بذلك عن مفهوم القائد ليحصل على كل خصال الربوبية ، وأصبح لزاما على العامة المنقادين أن يسجدو للاة والعزى ومنال الثاني ويعلو هبل ..