القرآن .. إعجاز يستحق الإيمان

أحبتي الأفاضل ..
أكرمكم الله وأنعم عليكم بأن وهبكم أسمى نعمة يحمد عليها ، هي نعمة العقل .. العقل المفكر المدبر الذي به نبلغ أرفع وأعلى درجات الإيمان .. ولأننا امة ختم الله على لسانها آخر الأديان ، فإنه من الواجب علينا أن نحمده ونشكره على هذا الامتياز والخصوصية .. فكيف نستغل ما امتزنا به عن سائر الخلق ؟
التدبر والتمعن وإحكام الفكر .. هي آليات تمكننا من استغلال ما وهبنا الله إياه لنهنأ بالدارين ، دار الحياة ودار الفناء ، واستغلالنا للعقل هو حق لكل فرد ، وبه يمتاز عن سواه من بني جنسه .. وتدبرنا وتفكيرنا في آيات الخالق هو من الأساليب التي من خلالها نصل إلى ذروة الإيمان بالله عز وجل ، ومن آيات الخالق الإعجاز العلمي .. الإعجاز الذي يخاطب العقل البشرية ، ولا يعيه ( وأقصد الإعجاز ) إلا من أحكم عقله وتدبر .

يوجد في القرآن الكريم ما يزيد عن 1000 آية تعنى بالإعجاز العلمي ، تتحدث عن ظواهر الكون أو ما يدعى بالإشارات الكونية ، واللغة لوحدها لا تكفي لفهم هذه الدلالات ، لذلك فهي تحتاج لبعد علمي بالضوابط العلمية الصحيحة كي نقف عند معنى ومغزى هذه الآيات ، لذلك نقول إن هذا الكتاب ليس من صنع البشر لأن دلائله الإعجازية يعجز عن وضعها البشر .. وحفظه الله لأنه حجة على خلقه لقيام الساعة .
في فاتحة الكتاب التي تدعى بالسبع المثاني ( ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم ) ، نجد إعجازا حقيقيا بين طياتها .. فعبارة رب العالمين التي تخص الذات العلية لله عز وجل مثلا.. كانت تفسر لغويا بأن العالمين يقصد بها عالم الإنس والجن أي رب الخلق العاقل المكلف ، لكن باستخدام الدلالات العلمية أصبح لكلمة العالمين معنى ثاني وهو أن رب العالمين تعني كل ما سوى رب العالمين أي كل ما هو غير الذات الإلهية .
فالله الخالق معظم ومنزه فوق جميع خلقه ، يسمو فوق كل وصف لا يليق بجلاله ، لا يحده المكان ولا الزمان لا تشكله المادة ولا تصنعه الطاقة ، ولا نعلم من صفاته إلا ما وصف به ذاته العلية ، فهو خالق كل ذلك .. لذلك وجب ان يكون أسمى من كل ذالك ، ومميزا عما يخلق .. سبحان الله .
فلفظة العالمين .. ما يلي : عالم الغيب وعالم الشهادة ، وعالم الغيب يشمل ما نعلمه عالم الجن والملائكه ، وهناك عوالم لا نعلمها إلا يوم البعث ، اما عالم الشهادة ففيه عالم الأناسي عالم البشر ، خرج من صلب أبينا آدم عليه السلام واشترط أن يكون هناك حواء لتحقيق ذلك .. أي أن هناك زوجية ( ذكر وأنثى ) نتج عنها ما يزيد عن 7 بلايين مخلوق غير من توفى ومن سيولد ، ومما نعلمه أيضاً عالم النبات وعالم الحيوان ( هذه العوالم متعددة ، حيث أن عالم الأحياء فيه ما يزيد عن 5 ملايين نوع ، وكل نوع ممثل ببلايين الأزواج ( ذكور وإناث ) لا يعلمها إلا الله ، وعالم الجماد ( بما تحتويه من 105 عناصر تشكل المركبات المكونة لكل عناصر الحياة ، خلق منها المجموعة الشمسية والأجران السماوية وما تحتويه ) ، وجميعها مشكلة من عنصر الهيدروجين المكون من زوجين ( نواة تحمل شحنة موجبة ، والكترون يحمل شحنة سالبة ).. سبحان الله ، أي أن المصدر أحادي ، ومع ذلك هو مخلوق في زوجية .
فمن حفظ ورعى وصان وخلق وشكل وأبدع يستحق الحمد ، لذلك بدأت الفاتحة بالحمد ، حمدُ من خلق العالمين ، ولولا الرعاية الإلهية لهذا الكون وحفاظه عليه لزال لأبسط الأسباب ، فلو شاء الله أن يزيله لأزاله بطرفة عين .
النقطة الثانية التي تتضمن إعجازاً حقيقياً في سورة الفاتحة أم الكتاب ، هو حتمية البعث ، حتمية يوم القيامة ، بورود جملة .. مالك يوم الدين ، حيث يصف الله ذاته الإلهية بأنه مالك يوم الحساب ، وهذا ما اختلف عليه منذ قرون ، حيث كان هناك شك في حقيقة يوم البعث ، فمن خلق العوالم كلها هو من يقرر نهايتها .
فسبحان الله العلي القدير خالق كل شيء ، سبحان الله الذي يسمو في خلقه عن كل خلق ، ويمتاز برفعته عن كل شيء. والحمد لله رب العالمين .