زواج المطلقة

يبنى المجتمع في سلوكياته على مجموعة متراكمة من العادات والقيم الاجتماعية والثقافية ، والموروث الثقافي يؤسس لطبيعة العلاقات السائدة فيه ، من هنا نتساءل .. هل المجتمع بعاداته وتقاليده وعرفه السائد يحبذ زواج المطلقات ؟
لنتحدث بعيدا عن الدين قليلا .. كي نتلمس السلوك الآدمي ومدى تأثره وتأثيره في البناء الاجتماعي ..
المطلقة .. جربت حظها مرة فلتدع الطريق لغيرها من اللواتي لم يتزوجن ..
المطلقة .. لو كان فيها خير ما كان رماها الطير ..
المطلقة .. مصيبة ..
المطلقة .. ما عرفت تعيش حياتها ، مسكينة راحت عليها ..
المطلقة .. خربت بيتها وبيت عيالها ..
المطلقة .. ما تستاهل تعيش في مجتمع لأنها خربت المجتمع .. ووووووو
لنلاحظ أن المجتمع لم يكن ليرحم هذه الإنسانة ، فهي بنظره محطة توقف فيها القطار منذ زمن ، وما عادت تعلن منه الرحلات ، ما السبب هل يقبل من لديه بنت مطلقة أن تمر هذه الكلمات على مسمعه وهو راض ، هل يستطيع أن يبادر من لديه بنت مطلقة بالبحث لها عن زوج قبل أن ييبس عودها ويجاهر بدعوته لتزويجها .
كثيرة هي المبادئ والقيم التي تنتقل من وسائل الإعلام إلى ذهنية المواطن .. ومنها مسألة الطلاق .. فهل عهدنا يوما أن يستعرض فلم أو مسلسل أو برنامج أو مجلة أو جريدة أو حتى موقع انترنيت مسألة الطلاق ويعالجها ؟ لم يكن ذلك .. إلا ما ندر ، بل بالعكس تتعلم الأمهات والبنات العادات السيئة مما يزيد من خشيتهن أن يصبحن مطلقات ومما يزيد حقدهم على المطلقات .. وهنا تكمن المشكلة .
جاء الدين بأخلاقه السمحاء .. وفرض نفسه بمبادئه وقيمه السامية وأوجد الحلول المناسبة لظاهرة الطلاق ، بل كان القدوة في ذلك رسولنا الكريم أفضل الصلاة وأتم التسليم عليه وصحابته من بعده ، أين المشكلة إذا ؟ هل المسلمون في واد ورسولهم وصحابته في واد ؟
هنا نتساءل .. اين هو دور صاحب الباءة ؟ وما هي نظرته للمرأة المطلقة ؟
هل يرى فيها تلك الفتاة التي يحلم بها منذ عهود وسنين ، هل يا تراها تفي بالغرض ؟ هل باستطاعته أن يستغني عن موروثه الثقافي الخاص بأول ليلة ؟ هل وهل وهل ؟
حقيقة الموضوع يجب ان يتم مناقشته من كل الجوانب .. وفي كل جانب هناك الكثير من الإشكاليات التي تستدعي تصحيح الذهنية وآلية التفكير .. وأسلوب التعامل ، وطريقة الحل .. آمل أن نقف جميعا عند تقديم دراسة حقيقية لهذه الظاهرة .. شاكرا صاحبة الموضوع التي ربما تكون قد فتحت أصعب الأبواب التي تعصف باستقرار المجتمع .