قيم إيمانية
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
رد: قيم إيمانية
الخميس : 25 / 03 / 1431 هـ الموافق 11 / 03 / 2010 م
أحبتي في الله .. كثيرة هي القيم التي لم تعد قائمة بيننا .. طوتها الأيام فأصبحت ذكرى ترددها ألسن الأجيال جيلا بعد جيل ، والحسرة تعتصر أفئدتهم على زمن اضعناه فضاعت أيامنا بضياعه ..
اليوم سأتحدث عن أربع قيم تجعل من الإنسان شعلة مضيئة من الإيمان روحا وجسدا .. وهي : الوفاء والعفو وصدق المعاملة والحِلم ..
وكما عودتكم سأستعين بالتاريخ المشرق لأنه لم يعد في جعبتنا سواه يضيئ وحشة ليالينا ونفوسنا .
جاءا إلى عمر بن الخطاب يطلبان القصاص من رجل قتل والدهما ، فقال عمر رضي الله عنه ، كيف قتلته ؟ فقال دخل بجمله أرضي فزجرته فلم يخرج فألقمته حجرا فوقع على الأرض صريعا .
فكان القرار كما أراده الله .. السن بالسن والعين بالعين والجروح قصاص .. لكن القاتل قال لعمر : يا أمير المؤمنين أسألك بالذي قامت به السماوات والأرض أن تتركني ليلة ، لأذهب إلى زوجتي وأطفالي في البادية ، فأُخبِرُهم بأنك سوف تقتلني ، ثم أعود إليك ، والله ليس لهم عائل إلا الله ثم أنا .
فنظر أمير المؤمنين عمر للناس من حوله ، وقال وهو العادل .. من يكفله ، ساد الصمت بين الجميع .. كيف وهو إنسان غريب لا نعرف عنه شيء من أين جاء ولا من هو ولا أين سكنه .. لا نعرف عنه سوى انه قاتل ، فمن يكفله على قطع رقبة ؟
نظر الخليفة عمر في الصحابة .. وعلائم الاستغراب ترسم ملامح وجه حائر .. ألا تكفلوه ؟؟ ثم نظر إلى الشابين .. ألا تعفوان عنه ؟ فقالا من قتل أبانا فلن نقبل إلا بقتله ..
لكن كيف وفي الصحابة أمثال أبو ذر الغفاري .. فقال انا اكفله يا أمير المؤمنين .. قال عمر وتعلم أنه قاتل ، قال وأعلم انه قاتل ولا أعرف عنه شيء غير أنه قاتل ، فقال له إن لم يعد سيكون القصاص علي .. وأبو ذر رجل زاهد وصادق ويحبه عمر فال له عمر .. اتظن اني تاركك إن لم يعد بعد ليال ثلاث .. فقال أبو ذررأيت في وجهه سمات المؤمنين فعلمت انه لا يكذب ..
فأذن عمر للقاتل ان يذهب لأهله كي يودعهم .. ومرت أيام ثلاث ، وعند العصر أذن مؤذن أيها اناس اجتمعوا فجاء الشابان وأبو ذر وعمر وتحلق الناس من حولهم .. فقال عمر اين الرجل فقال لا أعلم يا أمير المؤمنين .. ومرت اللحظات مسرعة والصحابة في حال لا يمكن وصفها حتى عمر كيف له ان يطبق القصاص ويمضي شريعة الله في أعز الناس إلى قلبه .
وقبل الغروب بقليل جاء الرجل فكبر عمر .. الله أكبر وكبر الجمع من حوله ، فسأله عمر لما عدت .. لو انك بقيت في باديتك لما عرفنا لك طريقا .. فرد الرجل قائلا : تركت أطفالي كفراخ الطير لا ماء ولا شجر في البادية ، وجئتُ لأُقتل .. وخشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس ، فنظر أمير المؤمنين الفاروق والعادل إلى أبو ذر وقال له : لما كفلته ؟ فرد الغفاري : خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من الناس ، ثم نظر الفاروق في الشابان فوجدهما يبكيان ، فقال ما تريان .. فقالا نعفوا ونصفح يا امير المؤمنان لأنا نخشى أن يقال ذهب العفو من الناس .
واخضلت لحية الفاروق بالدمع فرحا .. فقال : شكرا لكما لعفوكما ، وشكرا لك يا أبا ذر فقد فرجت كربة على مؤمن ، وشكرا لك أيها الغريب لصدقك ووفائك بالعهد ..
ونقول .. شكرا لك أيها الفاروق لعدلك أين انت في زمننا هذا حيث انتفى العدل وساد الظلم ، أين انت في زماننا حيث طغى المتجبرون أين أنت منا فكل يبحث في داخله عن ذاته التائهة مع الملذات والشهوات .. وأين أنت من قادتنا الذين حرمونا رحمة الله وجعلونا مطية للذل والهوان ..
ننتقل لمشهد آخر أحبتي .. لمشهد فيه من الصور الرائعه ما يجعلك تنزف دمعا لأنك تعيش هذا الزمان الغريب ..
معاوية بن أبي سفيان .. ادهى دهاة العرب وأحلم الناس .. جاءته رسالة من الزبير بن العوام ( وكانا على خلاف حاد ) يقول فيها الزبير الذي كان يملك أرضا بمحاذاة ارض معاوية في المدينة ، وكان قد دخل عمال معاوية إلى أرضه :
من عبدالله ابن الزبير إلى معاوية ابن هند آكلة الأكباد ، وهذه إشارة إلى هند التي أكلت كبد حمزة رضل الله عن الجميع وأرضاهم ..
أما بعد .. فإن عمالك دخلوا إلى مزرعتي فمرهم بالخروج منها ، فوالذي لا إله إلا هو .. ليكوننّ لي معك شأن .
فنظر معاوية إلى ولده يزيد قائلا .. ما تراني فاعل يا يزيد .. فقال يزيد : أرسل له خبرا انك سترسل له جيشا أوله عنده وآخره عندك يأتي برأسه . فقال معاوية : بل خير من ذلك زكاة وأقرب رحما ..
فأرسل له معاوية يقول : من معاوية بن أبي سفيان إلى عبدالله بن الزبير (ابن أسماء ذات النطاقين)
أما بعد ...
فو الله لو كانت الدنيا بيني وبينك لسلمتها إليك ، ولو كانت مزرعتي من المدينة إلى دمشق لدفعتها إليك ، فإذا وصلك كتابي هذا فضم مزرعتي إلى مزرعتك وواجمع عمالي إلى عمالك .. فإن جنّة الله عرضها السموات والأرض .
أما بعد ...
فو الله لو كانت الدنيا بيني وبينك لسلمتها إليك ، ولو كانت مزرعتي من المدينة إلى دمشق لدفعتها إليك ، فإذا وصلك كتابي هذا فضم مزرعتي إلى مزرعتك وواجمع عمالي إلى عمالك .. فإن جنّة الله عرضها السموات والأرض .
فما كان من الزبير إلا أن بكا وتوجه على الفور إلى دمشق وقبل راس معاوية وقال له : لا أعدمك الله حلماً أحلك في قريش هذا المحل .
أين انت يا سيدي يا معاوية .. أين انتم يا صحابة الرسول العظيم محمد صلى الله عليه وسلم .. يا من بلغتم يتواضعكم وحلمكم أقاصي البلاد وأزحتم من عيوننا غشاوة الليل وظلمة الشرور والآثام وتسيدتم العالم بخلقكم .. خلق القرآن .
أحبتي احببت أن أكتب اليوم في هذا الموضوع .. لأنني أشعر أننا يوما بعد يوم نبتعد تدريجيا عن هذا المنهج النوراني .. في كل يوم يزداد تيهنا وضياعنا في عالم الكفر واللا قيم حيث تصبح المبادئ السامية تخلفا والقيم الإسلامية أصولية عمياء .. ورداء مهترئ وجب إبداله بذاك الثوب الغربي الضيق الفاقع لونه كبقرة بني إسرائيل ..
أشكركم لإصغائكم وأتمنى ان نلتقي في حديث جديد راجينا الله ان يجمعنا على ما يرضيه
والحمد لله رب العالمين .
رد: قيم إيمانية
فعلا رائع كعادتك ناصر مميز و تجبرنا على اللإصغاء حتى لو لم نقل شيئا
تجعلنا نبحر في عالم جميل من القيم و الاخلاق النبيلة
نشتاق لذلك الزمن الجميل زمن النبوة و الصحابة و التابعين.
زمن المدينة الفاضلة ، زمن الطهر و النقاء.
لكن لمادا لسنا مثلهم ؟ لماذا لا نحاول السير على خطاهم؟
لماذا أصبحنا بهذا الحقد و الجفاء؟
بانتظار حديث الخميس المقبل
تجعلنا نبحر في عالم جميل من القيم و الاخلاق النبيلة
نشتاق لذلك الزمن الجميل زمن النبوة و الصحابة و التابعين.
زمن المدينة الفاضلة ، زمن الطهر و النقاء.
لكن لمادا لسنا مثلهم ؟ لماذا لا نحاول السير على خطاهم؟
لماذا أصبحنا بهذا الحقد و الجفاء؟
بانتظار حديث الخميس المقبل
مواطنة عربية- مشرف متميز
- عدد المساهمات : 902
تاريخ التسجيل : 23/02/2009
العمر : 45
الموقع : الجزائـــــر
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى