مجتمع الفضيلة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
رد: مجتمع الفضيلة
الاثنين : 29 / 03 / 1431 هـ الموافق 15 / 03 / 2010 م
مجتمع الفضيلة .. نسمعها دائما ، ويتداولها العامة ربما دون أن يلقو بالا لمكنونها ، الفضيلة التي نتخيلها بعيدة كل البعد عن لغة الجسد وانتفاء المعصية وتفشي المحرمات .. ولكن .. هل بالفعل هناك مجتمع فاضل .. هل نظرة الفرد لطبيعة السلوك البشري مبنية على احتقار هذا السلوك .. وهل احتقار هذا السلوك هو فطري .. فإن كان الفرد يقوم بسلوكات غير واعية أو رشيدة ويمارس كل أشكال المعاصي والمباغي هل نعتبره يعيش التناقض ، تناقض الرفض أوالاجبار على الرفض والقبول ..
إن النظر في طبيعة التكوين البشري وما تعكسه من سلوكيات تتأرجح بين الواعية وغير الواعية وبين الرشيدة وغير الرشيدة وبين المتزنة وغير المتزنة .. هذا التكوين يخلق وبشكل عملي وملموس المعرفة والإدراك .. معرفة المحيط بكل أبعاده ، وإدراك أهمية التفاعل فيه ، فالإنسان آلف ومألوف .. والمعصية مثلها مثل الفضيلة نقيضان يمثلان وجهين لعملة واحدة هي السلوك ، فالفرد يقاد لهما بإرادته ومن خلال سلسلة من التفاعلات العقلانية المنطقية الناتجة عن التفكير ، وتتراكم في مخيلته وفقا لما تمليه البيئة المحيطة وما تقدمه من مدخلات صور شتى عن الفعل ورد الفعل ، حقائق عن المعقول واللامعقول .. فنحصل في النهاية على مخرجات هي في حقيقتها سلوك بشري موروث .. ويظهر المجتمع بأكمله متخبطا بين أن يعيش الفضيلة في داخل عقله ويمارس ما ليس له علاقة بالفضيلة في وسطه .
الإنسان هو مرآة تمثل انعكاسا حقيقيا لصورة المجتمع بكل عاداته وتقاليده ، ومن يقرر أن يجعل هذه المرآة نظيفة هو نفسه من يتعمد توسيخ هذه المرآة ، هنا يدخل العامل الديني مرشدا وفاتحا البصيرة أمام نتائج الانتقائية الفردية .. فلكل فعل ردة فعل ولكل سلوك جزاءه
لقد خلق الله الإنسان في أحسن تقويم ، وحسن الخلق مرتبط بالخلقة - بكسر الخاء - والأخلاق ، وبذلك يكون القرآن قد رسم أبعاد الإنسان المؤمن ، لطالما أن القرآن نزله الله ليقوم سلوك البشر ، هذا لأن السلوك البشري مهيأ للانحراف أكثر منه للاعتدال ، هذا الانحراف بحاجة لحكمة في التقويم ، أما التشدد فهو يقوي من شكيمة الانحراف ويزيد من إصرار الفرد على التمادي فيه .
وعندما نقول ان الاسلام دين الوسطية ،فهذا له مبرراته ، حيث أن النفس البشرية الأمارة بالسوء ، تكون ردة فعلها تجاه تقويم السلوك أن تتمادى وتعلو علوا كبيرة فترفض اي تقويم مفروض وقسري ، لذلك وجب التعامل مع قضايا تقويم السلوك بالحكمة .. والموعظة الحسنة ، لأن ذلك خير وأقوم .
مما سبق نقول ، عندما قال دارون بنظرية التطور تحول الرأي العالمي ضده ، واعتبروا أن ما قاله إهانة بالجنس البشري ، فلا يعقل أن يتطور الإنسان من القرد ليصبح كما هو عليه الآن ، هذا إذا ما تناولنا الموضوع بعيدا عن جانب الدين ، فهل كان يقصد بكلامه الجانب الشكلي للتطور ؟
في الحقيقة إن الإنسان يتطور ، وتطوره مرتبط بحياته وآليات عمله وتعاطيه لكل فعاليات الحياة ، فأن الإنسان بالتعلم وتراكم المعرفة يتحول من الإنسان البدائي إلى الانسان المتحضر ، حيث أن العمل يُكسب المعرفة والمعرفة يصقلها التكرار ، فتتحول إلى قوانين ، ومن ثم تصبح مسلمات . فينشأ الإنسان من بيئته ، مكتملا ومعدا إعدادا كاملا ويصبح ذا رأي وفكر مستقل قادر على اتخاذ القرار والمبادرة والعمل ، وهنا أي عمل يقوم به يحاسب عليه بكل أشكال الحساب .. أي أن هناط نطور في السلوك يرافقه تطور في الشكل .
إذا إن مجتمع الفضيلة يقوم اساسا على افتراض سيادة الفضيلة بين أفراده ، هذه الفضيلة لن تكون وليدة الذات بل ستتحكم بها النظم والقوانين العامة والسلوك الجمعي .. أي أن البيئة المحيطة هي من يصبغ المجتمع بهذه الفضيلة ، وهذا ما تحدث به افلاطون .. فمجتمع الفضيلة عنده أو كما أسماه جمهورية افلاطون تحكمه القوانين ، والأعراف وهو مجتمع مثالي في علاقاته مثالي في تطلعاته ، مثالي في سلوكه الاجتماعي البعيد كل البعد عن الرذيلة والاضطهاد ، ونفس الشيء عند الفارابي الذي تحدث في كتابه آراء أهل المدينة الفاضلة عن كيفية بلوغ المجتمع الفاضل من خلال تحليل سلوك الإنسان الاجتماعي في إطار ديني ، حيث تناول موضوع غاية في الدقة وهو أجزاء الروح والإرادة والاختيار ومدى تأثير الخالق روحيا في قدرة العبد على الاختيار والانتقاء
مما سبق نصل إلى خلاصة ما تحدثنا عنه ..
المجتمع العربي من البديهي أن يكون مجتمعا فاضلا .. لكنه ليس كذلك السبب وببساطه لأنه تنصل عن كل القيم السامية التي نادى بها الإسلام .. كدين مرشد ودليل لسلوك البشر ، فأصبح هذا المجتمع يقرض السلوكيات الغربية بشكل يومي كما الزاد ، فتطبع بطباع غريبة ودخيلة ، وهذا ما خلق التناقض بين ما يجب أن يكون وبين ما هو عليه الآن ، والمشكلة في التقويم ، حيث أن تراكم القناعة خلال الحقبات السابقة جعل عملية التقييم أكثر صعوبة لطالما ضعفت الثقة في العلماء والدعاة ، ونظرا لكثرة الهفوات وقلة الحيلة تجاه ما يعترض المجتمع من متغيرات .
والسؤال : هل من أمل في تحول المجتمع العربي لمجتمع فاضل ؟
الجواب .. نعم بشرط أن يكون التالي :
- البحث عن السعادة .. فلا يمكن تحقيقها إلا بالتعاون مع ابناء المجتمع الواحد لطالما كان الانسان حيوان اجتماعي بطبعه .
- العدالة والمساواة .. فجميع الناس سواسية كأسنان المشط .. ولا فرق بين عربي وأعجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى .
- التعاون في إنجاز الأعمال ، والتخصص في الجزئيات والتكامل في إنجاز اها ككل واحد .
- احترام التشريعات والقوانين والنظم التي تعمل على ضبط الشرور والآثام داخل نفس الفرد .
- الصدق في التعامل والتفاني في الدفاع عن روح الجماعة .. فالانسان محكوم لروح القطيع .
- البناء المعرفي .. وبشكل علمي مدروس وبما يحقق النفع للمجتمع وأفراده .
- أن يتمتع الحاكم بكل صفات القيادة التي تجعله كبيرا وذا شأن في أعين العامة .
وهكذا نصل إلى نتيجة خطيرة .. أن مجتمعنا العربي ليس فاضلا .. هذه حقيقة لا مهرب منها ، فهو من جهة مجتمع جاهل ينغمس افراده بالملذات الدنيوية وهمهم هو الانغماس أكثر فاكثر في هذه الملذات ، وهو من جهة مجتمع ضال .. تسوده طقوس دينية مختلفة شتت وفرقت العامة وكانت أكثر ضلالا بتواجد حاكم يتمتع بكل مؤهلات الضلال ، وهو مجتمع فاسق .. لأنه يعرف طريقه للفضيلة لكنه يعمل على الرذيلة أكثر ويتمتع بنهج الرذيلة ، وهو مجتمع إباحي .. لأن الضوابط الاجتماعية أصبحت قريبة للفسق منها للايمان وساد السلوك الفردي المتسلط واللاأخلاقي .
هذا ما أحببت أن أصل إليه في دراستي للمجتمع الفاضل .. أتمنى أن أكون قد أوصلت رسالتي .. ألقاكم في الحديث القادم بكل خير .. ودمتم
عدل سابقا من قبل مدير الموقع في الثلاثاء مارس 16, 2010 2:11 pm عدل 1 مرات
رد: مجتمع الفضيلة
صحيح أن النفس دوما أمارة بالسوء و دوما تميل لما يخالف القوانين فكما يقال كل ممنوع مرغوب ، لكن هذا لا يعطينا المبرارت لابتعادنا عن القيم و الفضيلة و لو أنني لا أومن كثيرا بالمدينة الفاضلة لأنها شيء أسطوري و الأصح هو قول محاولة البحث عن الفضيلة و السعي للعيش في عالم يتسم بالفضيلة.
هذه النفس الامارة بالسوء جعل الله لها قواعد و أسس و قيم علينا اتباعها حتى لا نضل عن جادة الصواب و لا ننغمس في الضياع و الملذات الدنيوية لأن دار الآخرة خير و أبقى.
لذلك قال و نفس و ما سواها فألهمها فجورها و تقواها .
بمعنى أن ديننا قد بين لنا الصح من الخطا و ما نحصده هو نتاج أعمالنا الصالحة أو الطالحة
شكرا على الموضوع الرائع.
هذه النفس الامارة بالسوء جعل الله لها قواعد و أسس و قيم علينا اتباعها حتى لا نضل عن جادة الصواب و لا ننغمس في الضياع و الملذات الدنيوية لأن دار الآخرة خير و أبقى.
لذلك قال و نفس و ما سواها فألهمها فجورها و تقواها .
بمعنى أن ديننا قد بين لنا الصح من الخطا و ما نحصده هو نتاج أعمالنا الصالحة أو الطالحة
شكرا على الموضوع الرائع.
مواطنة عربية- مشرف متميز
- عدد المساهمات : 902
تاريخ التسجيل : 23/02/2009
العمر : 45
الموقع : الجزائـــــر
رد: مجتمع الفضيلة
شكرا لك أختي العزيزة مواطنة عربية على مشاركتك المتميزة .
أرى أن تطبيق الدين الاسلامي كما ورد عن الرسول وصحبه يقودنا لمجتمع فاضل ، مجتمع تسوده القيم السامية .
لكن بعدنا عن تعاليم الرسول ، وتنصلنا من التوجيهات الالهية جعلنا في غاية التيه حتى اننا نرى أن المجتمع الفاضل يستحيل تطبيقه ..
وكما قلت أختاه ان النفس الامارة بالسوء تدفعنا لمجتمع الرذيلة شئنا أم أبينا
أرى أن تطبيق الدين الاسلامي كما ورد عن الرسول وصحبه يقودنا لمجتمع فاضل ، مجتمع تسوده القيم السامية .
لكن بعدنا عن تعاليم الرسول ، وتنصلنا من التوجيهات الالهية جعلنا في غاية التيه حتى اننا نرى أن المجتمع الفاضل يستحيل تطبيقه ..
وكما قلت أختاه ان النفس الامارة بالسوء تدفعنا لمجتمع الرذيلة شئنا أم أبينا
رد: مجتمع الفضيلة
المصيبة الكبرى هو وعينا بان النفس الامارة بالسوء هي التي تدفعنا لمجتمع الرذيلة
و لكننا نستمر فيها ، نحن بشر و عواطفنا احيانا تجرفنا ، لكن الله جعل لنا عقولا
و ميزنا عن الحيوانات و الدواب.
لهذا جعل الله لنا عقولا نميز بها بين الصح و الخطا.
ديننا هو الدين الكامل دين كل زمان و مكان، و هو الفضيلة عينها.
و الرسول الكريم لما توفى قال انه تركنا على المحجة البيضاء
و ترك لنا شيئين لو تمسكنا بهما فلن نضل أبدا كتاب الله و سنته.
و لكننا نستمر فيها ، نحن بشر و عواطفنا احيانا تجرفنا ، لكن الله جعل لنا عقولا
و ميزنا عن الحيوانات و الدواب.
لهذا جعل الله لنا عقولا نميز بها بين الصح و الخطا.
ديننا هو الدين الكامل دين كل زمان و مكان، و هو الفضيلة عينها.
و الرسول الكريم لما توفى قال انه تركنا على المحجة البيضاء
و ترك لنا شيئين لو تمسكنا بهما فلن نضل أبدا كتاب الله و سنته.
مواطنة عربية- مشرف متميز
- عدد المساهمات : 902
تاريخ التسجيل : 23/02/2009
العمر : 45
الموقع : الجزائـــــر
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى