الضد يظهر حسنه الضد
صفحة 1 من اصل 1
الضد يظهر حسنه الضد
20 / 03 / 1431 هـ الموافق 06 / 03 / 2010 م
يقولون .. الضد يظهر حسنه الضد ..
في حديث حميم مع أعز أصدقائي لفت انتباهي بضع كلمات قالها .. وكانت حقيقة كلمات مرعبة ومؤلمة .. قال : إن تحدثت عن السلفية في المنتديات أو في الأماكن العامة .. فإنك وخلال دقائق معدودات ستكون في زنزانة ، حيث ستقتحم القوات الخاصة منزلة وتقتادك حيث لا يوجد نور ولا هواء وحيث لا عودة لك .. وقد سمعت عبارة قريبة من هذه في يوم غابر من الأيام عندما قال لي صديقي في الجامعة إياك والتحدث عن الصوفية أو أن تنتقد الفكر الشيعي .. فالمخابرات ستقتادك في ليلة لا ضوء للقمر فيها ..
أي ضد ذاك الذي يظهر حسنه ضد آخر ؟؟؟
سأتحدث اليوم عن الديمقراطية .. نعم ربما تستغربون من هذه المقدمة وعلاقتها بالديمقراطية .. حسنا .. لقد حاولت ان أظهر الضد السلبي لها .. وهو قمع الفكر .. وتكميم الأفواه .. فهذا الضد يظهر كم أن الديمقراطية في الأمم المتحضرة ترفع من شأن وكم أنها في الأمم المتخلفة تدني من شأن .
تعلمنا في الجامعة ، وعلمتنا الحياة .. أن الفكر الحر لا قيود عليه .. وأفق المعرفة لا حدود له .. وكي تصنع مجتمعا متحضراً عليك أن تطلق العنان للأقلام الحرة كي تكتب وتعبر بكل حرية .. حتى يتنقل هواؤها في كل مكان وتستنشقه أفئدة وبصيرة العامة فنخلق بذلك جيلا متميزا قادرا على أن يقود مسيرة الأمة ويخلق الحضارة .
يقول أحد الشعراء السوريين من مدينة منبج قرب مدينة حلب وهو يصف حبيبته دعد ، حيث كتب قصيدة واحدة فقط ..
لَهفي عَلى دَعدٍ وَما خُلِقَت**** إِلا لِطولِ بَليّتي دَعدُ
بَيضاءُ قَد لَبِسَ الأديمُ بهاء**** الحُسن فَهوَ لِجِلدِها جِلدُ
وَيَزينُ فودَيها إِذا حَسَرت**** ضافي الغَدائر فاحِمٌ جَعدُ
فالوَجهُ مِثل الصُبح مُنبلِجٌ**** والشَعر مِثلَ الليلِ مُسوَّدُ
ضِدّان لَما استَجمعا حَسُنا**** والضدّ يُظهِرُ حُسنَهُ الضِدُّ
بَيضاءُ قَد لَبِسَ الأديمُ بهاء**** الحُسن فَهوَ لِجِلدِها جِلدُ
وَيَزينُ فودَيها إِذا حَسَرت**** ضافي الغَدائر فاحِمٌ جَعدُ
فالوَجهُ مِثل الصُبح مُنبلِجٌ**** والشَعر مِثلَ الليلِ مُسوَّدُ
ضِدّان لَما استَجمعا حَسُنا**** والضدّ يُظهِرُ حُسنَهُ الضِدُّ
هل يجتمع الضدان .. وإن اجتمعا ما هي النتيجة .. هل سيكون الحُسنُ أكثر الفاعلين حضورا .. أم سيكون الظلم سيدا وأميرا ؟؟
قال الله تعالى في سورة يوسف الآية 40 بعد بسم الله الرحمن الرحيم :
( إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) ، صدق الله العظيم
الحكم لله .. فالله الخالق ذو القدرة على كل شيء .. جعل من أمر الحكم حكرا له .. فهو إذا ذو خصوصية .. فما هو الشيء الذي لا نعلمه نحن العامة ؟؟ أو لا يعلمه أكثرنا ؟؟
تعني كلمة ديمقراطية ( وهي كلمة يونانية المنشأ ) تعني حكم الشعب .. أي أن الشعب ينتخب برلمان يمثله ويكون الناطق باسمه فيسن القوانين والتشريعات التي تخدمه ، ويصبح السواد الأعظم من الناس صاحب الأمر والشأن .. هكذا تخيلها الفلاسفة قبل الإسلام .. وهكذا يطبقها العالم بأسره بعد الإسلام .. ولو قمنا بتصغير الدائرة كثيرا .. لوجدنا أن هناك من الشعوب العربية من يطالب بالديمقراطية في الحكم .. فننتقل من حكم الله إلى حكم الشعب .. ومنهم من ألصق هذا المصطلح بالاسلام وقال .. إن الاسلام ديمقراطي ، فألصق صفة دنيوية من خلق البشر بدين عام للناس كافة .. وكأنما قرن صنع الله بصنع البشر ..
هل يصح أن نتحدث بهذه الطريقة .. حسنا .. سأنتقل لصلب الموضوع ..
يستخدم الحاكم العربي الذي نصبَّ نفسه حاكما بأمر الله .. أساليب عديدة لرعاية الشعب وقيادته .. فلا قطيع من دون راع ، حيث بدأت خطوط الموضه تتسلل في كواليس الحكم .. وبدأ التقليد يطفوا كفقاعات الصابون على سطح الماء .. فظهرت مصطلحات كثيرة وراح يروج لها في الندوات والمنتديات والمحاضرات وفي وسائل الميديا .. الاسلام الديمقراطي .. الإسلام الليبيرالي .. وأخذت هذه المصطلحات تلقى آذانا صاغية ومروجين من الدرجة الأولى .. ولما لا والشعب يتنعم بالديكتاتورية والقمع والذل والفقر ويساق لمقاصله كما تساق البعير ..
وظهر أن فهم العامة للديمقراطية هو انها حرية .. وأن من يطبق الديمقراطية سيتنعم بكل الخيرات التي تتنعم بها الشعوب التي انتهجت الديمقراطية لما لا .. فالحرية سواء في التعبير أو في السلوك أو في العمل أو في التنقل أو في الحب أو في التعليم .. شيء جميل .. وله مردود .. ومن منا لا يحب الحرية .. بل من منا لا يريد أن يقاتل من أجل نيل الحرية .. الحق الإلهي الذي حرمه إياه الطغاة والجبابرة !!!
وما زاد الطين بلة .. أن الديمقراطية أصبحت قالبا للاسلام .. فظهر الاسلام الحداثي الذي تحولت مبادئه وتطبعت بطابع ليبيرالي وديمقراطي .. حتى أن البعض ذهب للقول .. إن القيم الديمقراطية هي قيم إسلامية .. الله ربي .. ونسبنا المطلق للمقيد ..
حقيقة الأمر إننا نعيش اليوم واقع القرنين السابع عشر والثامن عشر في أوروبا .. حيث كافح الفلاسفة والادباء والمفكرين والسياسيين لنقل السلطة من حكم الكنيسة لحكم الشعب .. وتحويل التشريع من تشريع إلهي لتشريع الشعب .. وتحول المجتمع من مجتمع روحاني إلى مجتمع براغماتي نفعي انتهازي .. تتناهش أطرافه أطرافه وتجتر مصالحه غاياته .. وبدأ مجتمع الفضيلة يسود على حكام الرذيلة .. وظهر الفكر اللقيط المتفسخ على ضفاف المستنقعات تشوبه الطحالب والنفايات .. فتارة يردد الديمقراطيون المقولات الخالدة لجون لوك ومنتسكو وجان جاك روسو .. وتارة يرددون قال الله وقال الرسول .. وتاه الشعب بين المطرقة والسندان .. ولم يعد يميز بين الحرية والمساواة وحق تقرير المصير .. فجميعها ارتبط بلقمة العيش وأصبح يخشى أن يساق كالإبل لحظائر الأعلاف .. فالشعب يعرف تماما أن الحاكم يجوع كلبه كي يتبعه .. فلما يجوعنا الحكام لطالما نحن بكل إرادتنا نتبعهم .. ألا يعلمون ان الظلم والعبودية ستخلق أجيالا مهترئة وممزقة وبشعة خلقة وتفكيرا وسلوكا .. فإن كان المجتمع بهذا الشكل كيف سيكون الحكم ، وهل ستكون الدولة قادرة على الوقوف في وجه التحديات ؟
يا سيدي الحاكم ..
نحن شعب لا نحب السيادة .. فالسيادة لله وحده .. ونحن شعب لا نحب الانتخابات .. لأنها وجبة سريعة يحاول الغرب إطعامنا إياها لنكون المستهدف الاول .. وعليه نحن أمة مسالمة لا نريد سلطة .. فالسلطة لك وحدك وأنت الجدير بقيادتنا .. أما ما يخص بالتعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة .. فهذا آخر تفكيرنا .. فما يهمنا حقيقة ان نعيش في كنفكم وتحت رعايتكم ، أما ما يخص حقوق الإنسان .. فليحافظ الغرب المتحضر أولا على حقوقه وسننظر في هذا الأمر لاحقا ..
حقيقة وبعيدا عن التهكم .. لا بد من القول .. ان الحكم لله ، وهذا أمر لا جدال فيه .. فهو المشرع .. وتشريعه ما كان مجرد كلمات وردت في كتاب .. بل هو سلوك انتهجه نبيه .. فكان شرعة للمؤمنين .. وكي لا يكون الأمر متروكا على غاربه .. وجب علينا طاعة الحاكم بما أمر الله .. ومخالفته في معصية الله .. أي أن الحاكم لن يحكم إلا بما انزل الله في كتابه وسنته ، قال الله تعالى في الآية 59 من سورة النساء بعد بسم الله الرحمن الرحيم .. يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعو الرسول وألي الأمر منكم .. فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر .. ذلك خير وأحسن تأويلا . صدق الله العظيم .
فإن أردنا ان نوجد مقاربة بين الفكر الاسلامي وغير الاسلامي .. لقلنا أن الديمقراطية الغربية كمفهوم وضع البشر .. لها نظير في عالمنا الاسلامي ألا وهي نظام الحكم .. هذا الأخير نظير أسمى وأرقى .. نظير لا يمكن أن يكون وضعيا لأنه تشريع الله في خلقه .. وهو نظام يقوم على : اختيار الحاكم .. والشورى ..
فاختيار الحاكم يكون باجتماع أهل العلم وأصحاب الحل والقرار .. فما الحكم إلا عقد مبرم أمام الله بين الأمة وحاكمها .. ؛ ثم تأت البيعة فيعلن العامة الطاعة والولاء .. ؛ طاعتهم وولاءهم لمن ارتضى لهم شرعة الله نهجا فأقام الحلال ونهى عن الحرام .. ولكي تقوم الدولة على نظام سياسي متين كان لابد من الشورى .. فالإجماع واجب .. حيث يقوم الحاكم بانتقاء خيرة أهل العلم .. فيشاورهم في امر الرعية وبذلك يبتعد عن الارتجالية والغوغاء والاستبداد والظلم ..
وقتها إن اصاب الأمة مكروه فإن الشعب بأسره لن يقول لحاكمه .. إذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون .. بل ستقول الأمة بأسرها نحن قبلك وفي الصف الأول فانتظر ما نحن صانعون .
حسبي الله ونعم الوكيل .
وإن كان رب البيت ضاربا فشيمة أهل البيت كلهم الرقص ..
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى