اعتذار من ابنت الجزائر الى اعظم شاعر

شكرا لكل أعضاء المرجع .. شكرا للأحبة والاعزاء .. شكرا لمن جعلتم للكلمة قيمة ومعني فأثريتم بتواضعكم وطيبتكم ومعرفتكم خزائن المرجع .
جازية ، مواطنة عربية ، ريد ماكس ، نانا .. يا من جعلتمو للذاكرة قيمة .. شكرا لمعلوماتكم شكرا لكل كلمة طيبة قلتموها .. وسأتحدث عن هذا الرجل العملاق الذي يشهد التاريخ عن تفانيه وروعته
سأتحدث عن فترة السبعينيات .. بدأت هذه الحقبة من وفاة الزعيم جمال عبد الناصر .. كانت الثورة لها معنى .. واكتمل معناها في الجزائر بلد الثوار .. جريدة الشعب .. كانت المنبر الثوري الحقيقي حيث التقى الأدباء العرب على صفحاتها وتلقو الدعم الكامل من الراحل الرئيس المكرم هواري بومدين ، ومن بين من تلقى الدعم ( والذي يدعوه بالجزائر كارت بلانش ) الدكتور أحمد هويس ، والشاعر أحمد عيسى ، والشاعر أحمد دوغان ، والشاعر مظفر النواب ، والشاعر العملاق نزار قباني ، كانو يجتمعون في منزل الدكتور أحمد هويس وكانت السجالات الشعرية تمتد لساعات الصباح بين قمم الشعر العربي الحديث مع الأخطل الصغير والاخضر السائحي ، حقيقة اسماء لها وقع كبير في مخيلتنا وذهنيتنا .
كانت مهمة الدكتور احمد هويس تعريب الدواوين ( الوثائق الحكومية ) ، وتعريب المدرسين والضباط والمناهج ، وكان له ما أراد في معهد بن عكنون وفي بوخروبة ، ويشهد له مسجد خالد بن الوليد في حي ديار الخلوة - سانتوجين - في العاصمة بحجم الجهد الذي بذل لإعادة اللغة العربية إلى الواجهة ، باب الواد ، كنيسة مادام دافريك ، الحراش ، الكازيرنه ، بوشاوي ، بولوغين ، مناطق إلى الآن تتلاحق صورها في ذاكرته ويذكرها بكل أسى لفراقها ، لقد عاش ردهة من الزمن بين أطيب الناس وأعز الناس وأكثر الناس صدقا .. ولن أنسى تيزي وزو التي اصطحبني اليها في الصيف وكان الناس فرحين بقدوم الشاعر السوري ، لقد كان لقبه في الجزائر مسيو كاراتيه ، والبروفيسور ، فقد كان ذو بنية جسمية رائعه كونه كان رياضيا .. ياااااااه .. يا لتلك الأيام الجميلة التي امضيناها في تيزي وزو ، كان يحب بساطة الناس هناك وطيبتهم ، هذه حقيقه اعترف بها .. رغم قسوة الحياة التي خلفها الاستعمار في النفوس إلا أنه بمجرد ان يذكر اسم محمد حتى تهدأ النفوس وتغرغر العيون بالدموع .
في جريدة الشعب كانت حياته السياسية ، كان ناقدا أدبيا وسياسيا وفنيا ، وشاعرا ومن أكثر الأقلام غزارة حتى بلغ صيته الدول العربية واستدعاه الزعيم معمر القدافي لحضور إحدى القمم العربية التي كان يشاطره فيها نزار قباني ، وكانت القصائد الشعرية تلتهب من حناجرهم فتحمل الجميع للهتاف والبكاء وأحيانا الضحك .. وفي ولاد جلال كانت له وقفة .. كان شاعر النخيل .. كان يتحدث عن الجزائر كرمز أينما توجه .. كانت حبيبته حيزية ( الجزائر ) .. وكانت القصيدة المطولة .. مانحسبك خوان با غالية .. التي غناها المناعي فأطرب وأبكا مؤلفها ..
وسأتحدث عن مغادرة الدكتور للجزائر .. في يوم غائم دافء .. تجمهر أسفل سكن الدكتور حشود من محبيه .. كانت النساء اكثر من الشباب ، إنه يوم رحيل معشوقهم .. هكذا شاءت الأقدار .. فقد رحل دعمه السياسي ، وبقي وحيدا في وجه التسلط الفرنسي والظلم الفرنسي ، كانت محاولات اغتياله تتالى يوما بعد يوم ، وكان الله حارسه وحاميه ، وخوفا عليه من المآمرة امتدت له يد الضباط تلاميذه لتساعده على الرحيل من الجزائر خوفا عليه ، لا يمكن ان اصف المشهد ، فالدموع تملأ العيون ، لكنها تأبى ان تنزل لانها لا تريد لهذا الجبل أن يتصدع ، وخرج إليهم مودعا .. وأقلوه إلى المطار .. وغادر الجزائر .. غادر بلده الذي احتضنه ورعاه قرابة الثلاثة عقود .. ليجد الدفء في موطنه بعد اغتراب أكل عمره ..
وإلى الآن .. حيثما ذهب وفي كل اللقاءات ، وفي كل المقابلات التلفزيونية ، وفي كل العزائم والولائم ، في خطب الجمعه ، ما انفك يذكر بلدي الجزائر بكل الحب .. يذكر الراحل هواري بومدين ، يذكر معاهدا درس فيها وأناسا عاش معهم ، إن تحدث عن العزة .. قال شعب الجزائر .. وإن تحدث عن الطيبة .. قال شعب الجزائر ، وإن تكلم عن الكرم .. قال شعب الجزائر ، وإن استهوته البطولات .. قال شعب الجزائر ، وفي كل مرة ينطقها تتحجر العبرات في مآقيه .. شوقا وقهرا ، لكنها الحياة .. إنه القدر .. شاء له ما شاء .. فالحمد لله على كل حال .

حاولت ان أتحدث فعجزت عن الكلام .. ولأول مرة تخونني الكلمات .. فعذرا من أحبتي .. لقد دخلتم جميعا إلى الذاكرة .. فسامحكم الله على صنيعكم ..

وألف مبروك لفوز الجزائر أمس على كوت ديفوار ساحل العاج .. لقد استحق الصحراويون خيول محمد .. استحقو الفوز .. فمن حقي أن أرفع رأسي لأقول .. هذا شعبي وهذه بلدي وهذا فريقي .. يكفيهم فخرا أنهم انتصروا على عمالقة حقيقيين .. وأتمنى للفريق المصري أن يفوز على الكاميرون .. لأنه في النهاية فريق عربي يستحق التقدير والاحترام .. ندعوا من الله أن يوقف نزيف الفتنه .. فالفتنة نائمة لعن الله موقظها .