الإسلام المعاصر: بين النص المقدس والاجتهاد
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الإسلام المعاصر: بين النص المقدس والاجتهاد
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته،،،
بصدق موضوع للأستاذ/غسان الإمام أعجبنى جداً فأحببت نقله لأعزائى بالمنتدى
هل كنا في حاجة، بعد صدمة 11 سبتمبر، الى الضغط والتهديد الخارجيين، لفتح حوار مع أنفسنا، ولنتكشف أننا فعلا مجتمعات تعاني من حالة مَرَضية باتت مهددة لأمننا وسلامنا ولعلاقتنا مع هذا العالم حولنا؟
لا مهرب من الاعتراف بأننا نفتح هذا الحوار تحت تأثير الحدث والضغط والتهديد. فقد كنا في حاجة الى صدمة كبيرة لتنبيه الشعور لدينا بما نحن فيه. ولا شك ان من الشاق على النفس القول بصراحة اننا نجري هذا الحوار تحت الضغط والتهديد، لأننا لم نكن نملك الوعي به والجرأة الكافية لإجرائه.
لقد بلور الحوار الى الآن الحاجة الى التغيير في الممارسة السياسية، والتربية والتعليم، والإعلام. لكني أكاد أكون على يقين بأننا إذا لم نذهب مباشرة في الحوار الى البحث في اشكالية الاجتهاد الديني، فلا فائدة من الحرية السياسية، ولا جدوى من تشعب الحوار. والصدام الخاسر في هذه الحالة آت لا محالة بيننا وبين الغرب الأقوى ماديا وعلميا وعسكريا.
اهالة القداسة على الاجتهاد هي التي حالت وتحول دون الخوض فيه، فلا بد من التأكيد اولا على الفصل المشروع بين النص المقدس والاجتهاد فيه. لا مَسّ بالمقدسات. فهي الثوابت الأبدية في الأديان السماوية، لكن المتحول والمتغير في كل الظروف والأزمان هما أسلوب الاجتهاد والتفكير والتفسير للمقدس.
لقد حالت المؤسسات والمرجعيات الدينية التقليدية دون الفصل بين النص المقدس والاجتهاد فيه. من هنا يأتي هذا الخوف الرسمي والاعلامي من الخوض في جدلية الاجتهاد. بل تذهب هذه المؤسسات الى تكليف نفسها دون غيرها تفسير المقدسات، متذرعة بأنها الوحيدة «العالمة» والمتفقهة بأصول الدين.
الواقع ان هذه المؤسسات لم تجتهد في التفسير، بل هي ناقلة أمينة لاجتهادات قديمة تعود الى حقب مختلفة في السنوات الألف الأخيرة. وهي الآن تتحالف بشكل وآخر مع الاصوليات المتسيسة في الادعاء بأن هذا القديم المتوارث صالح للتكيف مع العصر الذي نعيش متغيراته الهائلة في التعقيد والبعد عن بساطة القديم.
لقد استند الاجتهاد اصلا الى النص المقدس (القرآن الكريم) ثم الى الأحاديث النبوية. وحاول مؤرخون وباحثون مدققون، في أمانة علمية مذهلة، تحقيق صحة هذه الاحاديث، فانتقوا سبعة آلاف حديث من نحو سبعين الف حديث. وقد بلغت نباهة الخوف من التحريف في الحديث بالمسلمين الاوائل أن أبا بكر وعمر رفضا الرواية ونقل الحديث النبوي عنهما.
الاجتهاد لم يكن واحدا كما هو شائع، فقد تعددت الاجتهادات في مراحل وظروف زمنية مختلفة. وأنا هنا أمر بسرعة على هذه المراحل. فبعد اجتهاد استغرق ثلاثة قرون عربية وصل الانفتاح فيها الى استعارة الفلسفة الاغريقية لعقلنة الاجتهاد واثبات الايمان بالمنطق، تمَّ القضاء على مذهب المعتزلة العقلاني، وخُتم الاجتهاد الأول بالمذاهب السنية الأربعة ثم بالمذاهب الشيعية الاثني عشرية.
ثم جاء اجتهاد القرون الوسطى الاسلامية ليتبنى الجوانب الجهادية والتقشفية في هذه المذاهب. وكان الغرض شد عزيمة العرب والمسلمين في مقاومة الغزوات الهمجية المروعة لديار الاسلام، وبالذات للعالم العربي.
مع استدارة القرن التاسع عشر نحو القرن العشرين، افاقت اصلاحية الأفغاني الدينية على جمود الاجتهاد الذي جمد احوال العرب والمسلمين الاجتماعية والفكرية، فحاولت مواكبة الفكر العربي الحديث في التوفيق بين التراث والحداثة. لكن هذه المحاولة الدينية ما لبثت ان قضي عليها بردة فعل الشيخين رشيد رضا وحسن البنا.
ووصلت هذه الردة بالاخواني سيد قطب الى استيراد وتسويق الاجتهاد الهندي والباكستاني المستند اصلا الى النقل عن فقه اسلام الحصار في القرون الوسيطة. وعن الاخوان وسيد قطب تبنت جماعات سلفية واصولية لا مجاهدة «الكفار» النصارى واليهود والغربيين، وانما ايضا أعملت السيف بالمفكرين والمثقفين، وبالنظام السياسي والمجتمع المسلم «الجاهلي».
اننا نعيش الوجه «الجهادي» لهذه الجماعات الذي يتيح لها السباحة في مجتمعات متعاطفة ومتسامحة معها، لأن وعاظ المؤسسات الدينية التقليدية ودعاتها ومرشديها مهدوا لها، فلقنوا اصلا هذه المجتمعات اجتهاد النقل الجامد، ليتناسب مع حالة انتشار الامية المعرفية، وتردي الدخل الاقتصادي الناجم عن فشل التنمية والتزايد السكاني الهائل وتفشي الفساد في السياسة والادارة.
اذا كانت هذه المجتمعات الغاضبة والمتألمة لا تعرف سوى الوجه السياسي والدعائي لهذه التنظيمات السرية، فالنخب الاجتماعية من مفكرين وباحثين واعلاميين محرم عليها الخوض في ماهية الاجتهاد الايديولوجية الذي تتبناه جماعات العنف السلفي. القراءة العلنية والاعلامية له وبيان اصوله المسببة لأزمة التزمت والانغلاق الاجتماعية، تواجه فورا بالمنع الرسمي، وبقيامة المؤسسات التقليدية التي تحتكر تفسير الاجتهاد وتحرم فصله عن النص المقدس، فتكفر وتزندق كل كاتب وباحث ومفكر يحاول قراءته علنا وابلاغ الرأي العام بما فيه من خطر على الفكر والمجتمع وعلاقة العرب والمسلمين بالعالم.
هذا هو صميم الأزمة الخانقة التي يعيشها المجتمع العربي والاسلامي. حالة دروشة «جهادية» تجرى ملاحقة الوجه العنفي والمسلح لها أمنيا، ومحرم قراءة فكرها واجتهادها اعلاميا وفكريا. ويمتد المنع والتحريم حتى الى الخوض في المناهج الدينية الدراسية، فنكتفي بشهادة واضعيها ومدرسيها بأنها تحض على التقوى والتسامح الاجتماعي والتواصل الانساني. وازاء هذا الاصرار المتكرر على النفي، فلا بد من تكرار السؤال بخشوع واحترام أمام هؤلاء: اذا كان ذلك صحيحا، فلماذا وكيف، اذن، خرجتم وانتجتم هذا الجيل المتزمت، الرافض، المكفر للسلطة والمجتمع والسياسة والعالم؟
أعود الى تشكيل الموضوع بصورة ايجابية اكثر هدوءاً، فأقول ان الاسلام المعاصر غير عصري او حداثي. ونحن بحاجة الى اجتهاد جديد في قراءة النص المقدس، لا تمس بأي شكل قداسته وثوابته، ولا تسمح بنشوء مذاهب وبدع دينية متحايلة عليه ومحرفة له. الغرض فقط تكييف تفسير جديد لإسلام صالح لتأهيل المجتمع لممارسة حرية أكبر، ولمجاراة العالم في الابداع العلمي والتقني، ولتجنيب العرب تقمص هذه الروح الانفعالية المدمرة للنفس وللمجتمع وللعالم.
ليس صحيحا ان لدينا «علماء» في الدين. لقد تحولوا مع الازمان الى «رجال» دين! تحولوا الى مؤسسات ومرجعيات «اكليركية» باتت من خلال هيمنتها الأبوية واحتكارها للتفسير الديني، تفرض نفسها ورجالها كوسطاء بين الله والمؤمنين، تلك الوساطة التي يقولون هم أنفسهم إنها محرمة في الاسلام.
اذا كان ممنوعا النظر الاعلامي في مناهج المدارس الدينية، فقد بات النظر يفرض انشاء جامعات وكليات دينية يتولى التدريس فيها الباحثون العلميون المتخصصون في الاسلام والمستقلون عن المؤسسات الدينية والتنظيمات الاصولية. ومهمة هذه الجامعة اعادة قراءة النص المقدس بروح العصر وحاجاته، وبعلمية نزيهة، ثم ادخال تدريس العلوم الانسانية الاجتماعية والاقتصادية الحديثة، لتعرف الاجيال كيف مهد الفكر الغربي الجديد لهذا التقدم العلمي والتقني.
كل ما فعله هؤلاء الاسلاميون الحداثيون الى الآن هو الغوص في معميات الاجتهاد القديم، وخرجوا بفكر سياسي متناقض، لا يستقر ولا يتفق على شكل واحد للدولة الدينية. واحسب ان الوقت قد حان ليكون هؤلاء اكثر جرأة وأمانة، في تقديم علم اجتهادي تبنى عليه مجتمعات جديدة مشاركة للعالم ومتواصلة مع الانسانية.
تبقى مهمة كبيرة للإعلام الرسمي وغير الرسمي، وهي عدم السماح للدعاة والوعاظ باستفراد المشهد الاعلامي (التلفزيون)، وتقديمهم دائما مع نخبة اهل الوعي والفكر والعلم، لتحويل تلقين المجتمعات البسيطة شبه الأمية الى حوار مبسط بين الداعية والمفكر، بين اسلام النقل واسلام العصر، بين اسلام الوصاية الابوية والارشادية واسلام الفكر والعقل والانفتاح.
ما عدا ذلك فكله هراء وقبض ريح. وما لم نملك الجرأة والصراحة، فسنظل ندور في دوامة أزمة مستعصية، ونتجاهل منفذا تاريخيا وفرصة سانحة للخلاص منها.
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته،،،
بصدق موضوع للأستاذ/غسان الإمام أعجبنى جداً فأحببت نقله لأعزائى بالمنتدى
هل كنا في حاجة، بعد صدمة 11 سبتمبر، الى الضغط والتهديد الخارجيين، لفتح حوار مع أنفسنا، ولنتكشف أننا فعلا مجتمعات تعاني من حالة مَرَضية باتت مهددة لأمننا وسلامنا ولعلاقتنا مع هذا العالم حولنا؟
لا مهرب من الاعتراف بأننا نفتح هذا الحوار تحت تأثير الحدث والضغط والتهديد. فقد كنا في حاجة الى صدمة كبيرة لتنبيه الشعور لدينا بما نحن فيه. ولا شك ان من الشاق على النفس القول بصراحة اننا نجري هذا الحوار تحت الضغط والتهديد، لأننا لم نكن نملك الوعي به والجرأة الكافية لإجرائه.
لقد بلور الحوار الى الآن الحاجة الى التغيير في الممارسة السياسية، والتربية والتعليم، والإعلام. لكني أكاد أكون على يقين بأننا إذا لم نذهب مباشرة في الحوار الى البحث في اشكالية الاجتهاد الديني، فلا فائدة من الحرية السياسية، ولا جدوى من تشعب الحوار. والصدام الخاسر في هذه الحالة آت لا محالة بيننا وبين الغرب الأقوى ماديا وعلميا وعسكريا.
اهالة القداسة على الاجتهاد هي التي حالت وتحول دون الخوض فيه، فلا بد من التأكيد اولا على الفصل المشروع بين النص المقدس والاجتهاد فيه. لا مَسّ بالمقدسات. فهي الثوابت الأبدية في الأديان السماوية، لكن المتحول والمتغير في كل الظروف والأزمان هما أسلوب الاجتهاد والتفكير والتفسير للمقدس.
لقد حالت المؤسسات والمرجعيات الدينية التقليدية دون الفصل بين النص المقدس والاجتهاد فيه. من هنا يأتي هذا الخوف الرسمي والاعلامي من الخوض في جدلية الاجتهاد. بل تذهب هذه المؤسسات الى تكليف نفسها دون غيرها تفسير المقدسات، متذرعة بأنها الوحيدة «العالمة» والمتفقهة بأصول الدين.
الواقع ان هذه المؤسسات لم تجتهد في التفسير، بل هي ناقلة أمينة لاجتهادات قديمة تعود الى حقب مختلفة في السنوات الألف الأخيرة. وهي الآن تتحالف بشكل وآخر مع الاصوليات المتسيسة في الادعاء بأن هذا القديم المتوارث صالح للتكيف مع العصر الذي نعيش متغيراته الهائلة في التعقيد والبعد عن بساطة القديم.
لقد استند الاجتهاد اصلا الى النص المقدس (القرآن الكريم) ثم الى الأحاديث النبوية. وحاول مؤرخون وباحثون مدققون، في أمانة علمية مذهلة، تحقيق صحة هذه الاحاديث، فانتقوا سبعة آلاف حديث من نحو سبعين الف حديث. وقد بلغت نباهة الخوف من التحريف في الحديث بالمسلمين الاوائل أن أبا بكر وعمر رفضا الرواية ونقل الحديث النبوي عنهما.
الاجتهاد لم يكن واحدا كما هو شائع، فقد تعددت الاجتهادات في مراحل وظروف زمنية مختلفة. وأنا هنا أمر بسرعة على هذه المراحل. فبعد اجتهاد استغرق ثلاثة قرون عربية وصل الانفتاح فيها الى استعارة الفلسفة الاغريقية لعقلنة الاجتهاد واثبات الايمان بالمنطق، تمَّ القضاء على مذهب المعتزلة العقلاني، وخُتم الاجتهاد الأول بالمذاهب السنية الأربعة ثم بالمذاهب الشيعية الاثني عشرية.
ثم جاء اجتهاد القرون الوسطى الاسلامية ليتبنى الجوانب الجهادية والتقشفية في هذه المذاهب. وكان الغرض شد عزيمة العرب والمسلمين في مقاومة الغزوات الهمجية المروعة لديار الاسلام، وبالذات للعالم العربي.
مع استدارة القرن التاسع عشر نحو القرن العشرين، افاقت اصلاحية الأفغاني الدينية على جمود الاجتهاد الذي جمد احوال العرب والمسلمين الاجتماعية والفكرية، فحاولت مواكبة الفكر العربي الحديث في التوفيق بين التراث والحداثة. لكن هذه المحاولة الدينية ما لبثت ان قضي عليها بردة فعل الشيخين رشيد رضا وحسن البنا.
ووصلت هذه الردة بالاخواني سيد قطب الى استيراد وتسويق الاجتهاد الهندي والباكستاني المستند اصلا الى النقل عن فقه اسلام الحصار في القرون الوسيطة. وعن الاخوان وسيد قطب تبنت جماعات سلفية واصولية لا مجاهدة «الكفار» النصارى واليهود والغربيين، وانما ايضا أعملت السيف بالمفكرين والمثقفين، وبالنظام السياسي والمجتمع المسلم «الجاهلي».
اننا نعيش الوجه «الجهادي» لهذه الجماعات الذي يتيح لها السباحة في مجتمعات متعاطفة ومتسامحة معها، لأن وعاظ المؤسسات الدينية التقليدية ودعاتها ومرشديها مهدوا لها، فلقنوا اصلا هذه المجتمعات اجتهاد النقل الجامد، ليتناسب مع حالة انتشار الامية المعرفية، وتردي الدخل الاقتصادي الناجم عن فشل التنمية والتزايد السكاني الهائل وتفشي الفساد في السياسة والادارة.
اذا كانت هذه المجتمعات الغاضبة والمتألمة لا تعرف سوى الوجه السياسي والدعائي لهذه التنظيمات السرية، فالنخب الاجتماعية من مفكرين وباحثين واعلاميين محرم عليها الخوض في ماهية الاجتهاد الايديولوجية الذي تتبناه جماعات العنف السلفي. القراءة العلنية والاعلامية له وبيان اصوله المسببة لأزمة التزمت والانغلاق الاجتماعية، تواجه فورا بالمنع الرسمي، وبقيامة المؤسسات التقليدية التي تحتكر تفسير الاجتهاد وتحرم فصله عن النص المقدس، فتكفر وتزندق كل كاتب وباحث ومفكر يحاول قراءته علنا وابلاغ الرأي العام بما فيه من خطر على الفكر والمجتمع وعلاقة العرب والمسلمين بالعالم.
هذا هو صميم الأزمة الخانقة التي يعيشها المجتمع العربي والاسلامي. حالة دروشة «جهادية» تجرى ملاحقة الوجه العنفي والمسلح لها أمنيا، ومحرم قراءة فكرها واجتهادها اعلاميا وفكريا. ويمتد المنع والتحريم حتى الى الخوض في المناهج الدينية الدراسية، فنكتفي بشهادة واضعيها ومدرسيها بأنها تحض على التقوى والتسامح الاجتماعي والتواصل الانساني. وازاء هذا الاصرار المتكرر على النفي، فلا بد من تكرار السؤال بخشوع واحترام أمام هؤلاء: اذا كان ذلك صحيحا، فلماذا وكيف، اذن، خرجتم وانتجتم هذا الجيل المتزمت، الرافض، المكفر للسلطة والمجتمع والسياسة والعالم؟
أعود الى تشكيل الموضوع بصورة ايجابية اكثر هدوءاً، فأقول ان الاسلام المعاصر غير عصري او حداثي. ونحن بحاجة الى اجتهاد جديد في قراءة النص المقدس، لا تمس بأي شكل قداسته وثوابته، ولا تسمح بنشوء مذاهب وبدع دينية متحايلة عليه ومحرفة له. الغرض فقط تكييف تفسير جديد لإسلام صالح لتأهيل المجتمع لممارسة حرية أكبر، ولمجاراة العالم في الابداع العلمي والتقني، ولتجنيب العرب تقمص هذه الروح الانفعالية المدمرة للنفس وللمجتمع وللعالم.
ليس صحيحا ان لدينا «علماء» في الدين. لقد تحولوا مع الازمان الى «رجال» دين! تحولوا الى مؤسسات ومرجعيات «اكليركية» باتت من خلال هيمنتها الأبوية واحتكارها للتفسير الديني، تفرض نفسها ورجالها كوسطاء بين الله والمؤمنين، تلك الوساطة التي يقولون هم أنفسهم إنها محرمة في الاسلام.
اذا كان ممنوعا النظر الاعلامي في مناهج المدارس الدينية، فقد بات النظر يفرض انشاء جامعات وكليات دينية يتولى التدريس فيها الباحثون العلميون المتخصصون في الاسلام والمستقلون عن المؤسسات الدينية والتنظيمات الاصولية. ومهمة هذه الجامعة اعادة قراءة النص المقدس بروح العصر وحاجاته، وبعلمية نزيهة، ثم ادخال تدريس العلوم الانسانية الاجتماعية والاقتصادية الحديثة، لتعرف الاجيال كيف مهد الفكر الغربي الجديد لهذا التقدم العلمي والتقني.
كل ما فعله هؤلاء الاسلاميون الحداثيون الى الآن هو الغوص في معميات الاجتهاد القديم، وخرجوا بفكر سياسي متناقض، لا يستقر ولا يتفق على شكل واحد للدولة الدينية. واحسب ان الوقت قد حان ليكون هؤلاء اكثر جرأة وأمانة، في تقديم علم اجتهادي تبنى عليه مجتمعات جديدة مشاركة للعالم ومتواصلة مع الانسانية.
تبقى مهمة كبيرة للإعلام الرسمي وغير الرسمي، وهي عدم السماح للدعاة والوعاظ باستفراد المشهد الاعلامي (التلفزيون)، وتقديمهم دائما مع نخبة اهل الوعي والفكر والعلم، لتحويل تلقين المجتمعات البسيطة شبه الأمية الى حوار مبسط بين الداعية والمفكر، بين اسلام النقل واسلام العصر، بين اسلام الوصاية الابوية والارشادية واسلام الفكر والعقل والانفتاح.
ما عدا ذلك فكله هراء وقبض ريح. وما لم نملك الجرأة والصراحة، فسنظل ندور في دوامة أزمة مستعصية، ونتجاهل منفذا تاريخيا وفرصة سانحة للخلاص منها.
Sami Al.Solami- عدد المساهمات : 64
تاريخ التسجيل : 10/08/2009
الموقع : المملكة العربية السعودية
رد: الإسلام المعاصر: بين النص المقدس والاجتهاد
بارك الله فيك أخي سامي على هذا النقل
لكن قبل أن نناقش موضوع أحد ما يجب أن نعرفه
فمن هو : غسام الامام؟
لكن قبل أن نناقش موضوع أحد ما يجب أن نعرفه
فمن هو : غسام الامام؟
جازية - ليليا- مشرف
- عدد المساهمات : 1129
تاريخ التسجيل : 31/03/2009
العمر : 37
الموقع : برج بو عريريج
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى