برامج فضائية تشوه المجتمعات العربية بالتلفيق واختراع المشكلات

اعتبر عدد من المختصين في شؤون الإعلام والقنوات الفضائية أن محاولة بعض القنوات الفضائية تقديم برامج “تتعمد” طرح وإثارة مواضيع تسئ للمجتمع السعودي، وتستهدف “الإثارة” الإعلامية من أجل تسويق برامجها، هي مواضيع مرفوضة وغير مقبولة، لأن ما تناقشه وتطرحه من مواضيع، هي أصلاً مواضيع غير موجودة على أرض الواقع، ولو كان منها ما هو موجود فعلا، فهي حالات استثنائية لا تستحق هذا التسليط الفضائي “المتعمد” من أجل تشويه المجتمعات العربية وإظهارها بشكل غير حقيقي.
قنابل موقوتة
يقول متخصص علم الاجتماع الدكتور علي القحطاني: العديد من البرامج الفضائية تحولت إلى قوة دفع رئيسية لبعض القنوات الأخرى التي لا تسعى إلا لتحقيق الربح حتى ولو بالتلفيق واختراع مشكلات يندى لها الجبين لتقوم بمناقشتها وحلّها على الهواء، وأضاف: وفي رأيي أن هذه البرامج، أو بمعنى أصح، هذه المشكلات التي تتبناها هذه البرامج، هي قنابل موقوتة تهدف إلى زلزلة المجتمع وتقويض أركانه، وأنا اعتبر أن كل ما ينشر ويبث من خلالها من الممكن أن يحل بسهولة وبواسطة طرق أخرى، ليس من الضروري أن تكون الكاميرات من ضمنها، وأنا متيقن أن هذه البرامج لا تسعى لحل المشكلات، بقدر ما تسعى إلى تضخيمها، وأصبحت اليوم للأسف نوعا من التجارة الرابحة لبعض الفضائيات.
وأوضح الدكتور القحطاني أن المجتمعات العربية بشكل عام أبدت انزعاجها الشديد مما تعرضه القنوات الفضائية، سواء على المستوى الترفيهي، أو على المستوى الاجتماعي، فمن المخجل هذا الاستفحال الغير منطقي من قبل القنوات التي تبحث عن الظهور الفاشل على حساب قيم المجتمعات وإبراز السلبيات بشكل مقزز دون معالجتها بالطريقة الصحيحة.
ليس لها هدف
كذلك يقول متخصص علم الاجتماع الدكتور حامد الغامدي: الكثير من البرامج الفضائية تستفز الرأي العام في الوطن العربي، ليس فقط لحساسية ما تطرحه، وليس للطبيعة المحافظة للمجتمعات العربية، ولكن أيضاً لتركيزها المستمر على السلبيات في هذا المجتمع، وعرضه لها بشكل لا يهدف سوى إلى الإثارة دون العلاج، مما أدى إلى تشويه صورة المجتمع والمساس بمشاعر أفراده وخدشه المتواصل للحياء، دون مراعاة لأعمار المشاهدين، فهناك برامج فضائية ليس لها هدف منشود ولا حتى خطة علمية وعملية للوصول للمشاهد، وإنما تخبّط واستعراض للمشاهد المثيرة، ونبش السلبيات المقيتة، بشكل لا يخدم سوى رغباتهم وأهدافهم.
ليس من الأدب
من جهته قال مدير عام قناة دبي الفضائية عبداللطيف القرقاوي، إن القناة كجهة إعلامية حكومية، تسعى دائماً إلى تقديم مجموعة من البرامج والأعمال الدرامية التي ترتقي بالمشاهد العربي بمختلف فئاته على امتداد الوطن العربي الكبير، واضعة بعين الاعتبار الأسرة العربية التي تتوجه إليها بالدرجة الأولى.
فمن خلال مسيرتها الإعلامية التي تتجاوز 35 عاماً، أكد القرقاوي أن قناة دبي لم تقدم خلال هذا المشوار الحافل أي برنامج غير ناجح وفق المعاير المهنية الإعلامية والإنسانية، كما لم تسع في يوم من الأيام إلى الإثارة والإعداد المسبق للبرامج، أو للإثارة الساخنة لجذب انتباه المشاهد، وذلك لقناعتها بأن المشاهد العربي أكبر من هذه البرامج السطحية التي سرعان ما يكتشف الجميع خواءها، سواء من ناحية الشكل والمضمون والتي عادة لا تستمر لفترة طويلة في أذهان الجمهور. وأشار إلى أنه يجب على جميع القنوات الفضائية أن تحافظ على مشاعر المجتمع العربي الذي لا يرضى إلا بالمفيد، وليس من الأدب أن يتم إظهار سلبيات المجتمعات بطريقة لا تتلاءم مع العرف الأدبي والثقافي والاجتماعي المتفق عليه.
وختم عبداللطيف القرقاوي حديثه بالقول: إن قناة دبي وكما عوّدت جمهورها العربي، تسعى دائماً إلى تقديم برامج تتسم بالموضوعية والشفافية والمصداقية التي تعكس الوجه الإنساني والحضاري لمجتمع راقٍ خال من أي تعديات.
استشعار المسؤولية الوطنية
وأوضح الرئيس التنفيذي لقناة أعمال الاقتصادية محمد بن أحمد الزهراني أن التصريحات التي أدلى بها وكيل وزارة الثقافة والإعلام الدكتور عبدالله الجاسر وطالب فيها مستثمري القنوات الفضائية السعوديين باستشعار المسؤولية الوطنية تجاه البلاد واضحة جدا ولا غبار عليها. وقال الزهراني لـ “المدينة” أن هناك قنوات فضائية، يمتلكها مواطنون سعوديون، أساءت للمجتمع السعودي، مطالبا وزارة الثقافة والإعلام بطرح أشد العقوبات الصارمة بحق هذه القنوات حتى لا تتعرض هي وغيرها لبلاد الحرمين الشريفين، مؤكدا أن القنوات الفضائية العربية يجب أن تعمل على الميثاق المتفق عليه من قبل وزراء الإعلام العرب، ومن نصوصه عدم الإساءة لأي فرد أو مجتمع عربي أو مسلم. وأشار الزهراني إلى أن بعض القنوات الفضائية تسعى لأن تكون جسرا للحملات الإعلامية التي تخدم أفكارا معادية للمجتمع السعودي خاصة والعرب والمسلمون عامة، مع العلم أن القنوات التي تستهدف المشاهد السعودي ليست قنوات منوعات فقط بل جميع القنوات الاقتصادية والشبابية والاجتماعية والرياضية، مدللا في الوقت ذاته إلى المنافسة الحميمة بين القنوات الفضائية الرياضية لرعاية الدوري السعودي واجتذاب المشاهد السعودي.
وحول الهدف من تسليط الضوء على المجتمع السعودي في قنواتهم الفضائية، أوضح محمد الزهراني أن بعض القنوات تسعى للوصول للمشاهد السعودي الأقوى خليجيا وعربيا على الاستهلاك والأكثر تجاوبا مع الإعلانات، مشيرا إلى أن هذه القنوات تستهدف السوق السعودي من حيث الإعلان لرفع مستوى دخلها.
إيجاد نظام صارم
أما زينة الشهري (ماجستير علم نفس) فأبدت من جهتها تعاطفا مع من تصفهم أبطال المشكلات، وتؤكد أن عدم وصولهم إلى حل لمشكلاتهم ومعاناتهم قد يكون الدافع لظهورهم على شاشات التلفزة، وقالت: كل من يغامر بصورته وسمعته من خلال الظهور التلفزيوني لشرح مشكلته، لابد أنه وصل إلى مرحلة يأس كبيرة ومعاناة غير محتملة ويكون كمن يرسل نداء استغاثة للآخرين لمساعدته للخروج من ورطته أو مأساته التي يعيشها، وأنا لا أؤيد ذلك الظهور السيئ على القنوات الفضائية لشرح ما بداخله من اضطرابات نفسية واستغلال تلك البرامج لهذا المسكين وإبراز مشكلته على أنها مشكلة عامة في المجتمع، وللأسف أن برامج القنوات الفضائية أصبحت تترنح بين الكسب المادي والظهور على حساب سمعة المجتمعات وقيمها. وأشارت الشهري إلى ضرورة إيجاد نظام صارم بمتابعة كل ما يعرض على تلك القنوات الفضائية وإيقاف الزحف “الإباحي” المتجه لشبابنا وبناتنا وللأطفال الذين هم مستقبلنا المشرق.

موضوع أعجبنى فأحببت أن أنقله لكم

تحياتى لكم